السلام عليكم ورحمة الله
قد يستغرب من سيقرأ عنوان هذا الموضوع وذلك بسبب عدم منطقيته، ولكن واقع الحال بالنسبة لقصة
السيد مبارك يؤكد حقيقة هذا العنوان.
القصة باختصار هي أنني استمعت إلى برنامج "إصلاح ذات البين" من إذاعة الرياض (البرنامج العام)
والذي يركز على طرح الحلول للمشاكل الأسرية لمن يتصلون بالبرنامج، وكان احد المتصلين واسمه
"مبارك" قال أن مشكلته حدثت عندما عاد إلى منزله في أحد الأيام ووجد أن إحدى الدجاجات التي كانت
في منزله قد ماتت، فما كان منه إلا أن عنّف زوجته وضربها اعتقاداً منه بأنها قد تسببت في موت
الدجاجة ، ثم أخذ زوجته مع أطفالهما وأوصلهم إلى منزل أسرتها في بلدة مجاورة.
وبعد عدة أيام (وبعد أن عاد إليه رشده)، ذهب الزوج إلى منزل أسرة زوجته ليسترجعها فرفضت زوجته
العودة معه وذلك بسبب ضربه لها، وكذلك رفض الأب عودة ابنته مع زوجها لنفس السبب، ولهذا أتصل
الزوج بمقدم البرنامج طالباً مشورته.
فما كان من مقدم البرنامج إلاّ أن أوضح للمتصل وبأسلوب هادئ جملة الأخطاء التي أرتكبها المتصل تجاه
زوجته وأبنائه بسبب تسرعه وعدم تصرفه التصرف السليم كرجل بيده القِوامة، وقد نصحه بأن يتوب إلى
الله أولاً، ثم اختيار الوقت المناسب للذهاب إلى زوجته وأسرتها ليعتذر منهم عما بدر منه، وأن يخص
زوجته بالاعتذار الشديد مع تقديم هدية مناسبة لها، وإن لم ينجح في ذلك فيمكنه اللجوء إلى كبار الأسرة
لمساعدته في إقناع والد الزوجة والزوجة لتعود الزوجة إلى زوجها مع تعهد الزوج بعدم تكرار ما حدث منه.
نحن لا ننكر أهمية العناية بالحيوانات والطيور والعطف عليها، حيث يحثنا ديننا على ذلك ويؤكد
عليه، ولكن عطفنا وعنايتنا بالحيوانات لا يُعطي المبرر لذلك الزوج بأن يتصرف ذلك التصرف الأهوج مع
زوجته.
كم هو مؤلم أن يكون تصرف ذلك الزوج بتلك الحماقة التي تسببت بإهانتة لزوجته، والاعتداء عليها
وحرمان أبنائه من الاستقرار الأسري.
إن من أصعب الأمور أن تجتمع الحماقة مع الجهل لدى شخص واحد، وذلك لأن الجهل في حياة الجاهل
يمثل نقطة سوداء تحجب عن بصره نعمة رؤية الأشياء الجميلة لدى الآخرين، وتحجب عن بصيرته تحسس الأشياء وتقديرها،
الجهالة حمم سوداء تسكن داخل الجاهل، بينما الحماقة هي البركان الذي يُفجر تلك الحمم ويُلقي بها في
وجوه الآخرين بدون أي تفكير أو تقدير للعواقب، وهذا ما يجعل التعامل مع الشخص الجاهل الأحمق شيئاً مزعجاً جداً.
وعلى الرغم من أنه يمكن القضاء على الجهل أو التخفيف منه بجرعات من المعرفة، ولكن ما يؤسف له
أن حماقة الجاهل غير قابلة للإصلاح، وكما قال عنها الحكماء بأنها قد أعيت من يداويها، ولذا فإن فوهات
بركان الأحمق غير قابلة للردم والسد، وهذا ما يجعل ضحايا تلك الحماقة الجاهلة بقدر عدد الحجارة
والشظايا المتطايرة من فوهة البركان وهو ما حدث مع السيد مبارك الذي تسببت حماقته بخسارته لزوجته واستقراره الأسري.
ومما لا شك فيه أن البيت الذي تسوده المودة والمحبة والرأفة والتربية الإسلامية سيكون بأذن الله مصدراً
للخير الذي ينطلق من الأسرة إلى المجتمع،
وفرق كبير بين أن ترى الرجل أو المرأة يمضيان حياتهما في سعادة وراحة بال، وبين أن ترى أحدهما أو
كليهما منطلقا وفي حلقه غصة، وفي قلبه أسى نتيجة لحماقة أو سوء تقدير.
أسأل الله العظيم بأن يجعل شعار بيوتنا جميعاً هو الحب والتفاهم، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.
م.للأمانة